فصل: شهادة المجوسيّ على المسلم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


مَجْلِس العَقْد

التّعريف

1 - مجلس العقد مركّب إضافي من لفظين هما‏:‏ مجلس والعقد‏.‏

والمجلس في اللغة‏:‏ هو موضع الجلوس، أمّا العقد في اللغة فهو‏:‏ نقيض الحلّ‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ العقد هو ربط أجزاء التّصرف بالإيجاب والقبول‏.‏

ومجلس العقد في الاصطلاح هو الاجتماع للعقد، جاء في مجلّة الأحكام العدليّة‏:‏ جنس البيع هو الاجتماع الواقع لعقد البيع‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

مجلس الحكم‏:‏

2 - مجلس الحكم هو المكان الّذي يقعد فيه القاضي - الحاكم - لفصل القضاء وإصدار الحكم‏.‏

الأحكام المتعلّقة بمجلس العقد

يتعلّق بمجلس العقد أحكام منها‏:‏

أ - اتّحاد مجلس العقد‏:‏

3 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يشترط في صيغة العقد اتّحاد المجلس، بأن يقع الإيجاب والقبول في مجلسٍ واحدٍ، فلو اختلف المجلس بأن أوجب أحدهما فقام الآخر من المجلس قبل القبول أو اشتغل بعمل يوجب اختلاف المجلس ثمّ قبل لم ينعقد وبطل الإيجاب‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏عقد ف 22 وما بعدها‏)‏‏.‏

ب - تقابض العوضين في مجلس العقد في الصّرف‏:‏

4 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّه يشترط في الصّرف تقابض العوضين في المجلس قبضاً حقيقياً لحديث‏:‏ «الذّهب بالذّهب والفضّة بالفضّة والبر بالبرّ والشّعير بالشّعير والتّمر بالتّمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد»‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏ربا ف 26، وتقابض ف 4 – 5، وصرف ف 7، وقبض ف 39‏)‏‏.‏

ج - اشتراط تسليم رأس مال السّلم في مجلس العقد‏:‏

5 - قال جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏:‏ إنّه يشترط لصحّة السّلم تسليم رأس المال في مجلس العقد فلو تفرّقا قبله بطل العقد‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏سلم ف 16، وقبض ف 41‏)‏‏.‏

د - ثبوت خيار فسخ العقد في مجلس العقد‏:‏

6 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ للعاقدين خيار فسخ العقد بعد انعقاده ما داما في مجلس العقد ولم يتفرّقا ببدنيهما في البيع ونحوه‏.‏

واستدلوا بقولـه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر»‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏خيار المجلس ف 2 وما بعدها‏)‏‏.‏

مُجْمَل

التّعريف

1 - المجمل في اللغة‏:‏ من أجمل الأمر أي‏:‏ أبهمه وأجملت الشّيء إجمالاً‏:‏ جمعته من غير تفصيلٍ والمجمل من الكلام‏:‏ الموجز، قال الرّاغب الأصفهاني‏:‏ وحقيقة المجمل‏:‏ هو المشتمل على جملة أشياء كثيرةٍ غير ملخّصةٍ، والجملة‏:‏ الكلام الّذي لم يبيّن تفصيله فهو مجمل، والحساب الّذي لم يفصّل، ومنه قول اللّه تعالى في التّنزيل‏:‏ ‏{‏لَوََْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً‏}‏‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ قال الآمدي‏:‏ ما له دلالة على أحد معنيين لا مزيّة لأحدهما على الآخر بالنّسبة إليه‏.‏

وقال القفّال الشّاشي وابن فوركٍ‏:‏ ما لا يستقل بنفسه في المراد منه حتّى يبان تفسيره كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ‏}‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ‏}‏‏.‏

وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إلا بحقّها»‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

المبين‏:‏

2 - المبين من البيان وهو‏:‏ اللّفظ الدّال بالوضع على معنىً إمّا بالأصالة وإمّا بعد البيان‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ هو إخراج الشّيء من حيّز الإشكال إلى حيّز التّجلّي‏.‏

وقال آخرون‏:‏ المبين في مقابلة المجمل وهو الّذي يفهم منه عند الإطلاق مراد المتكلّم، أو هو ما احتمل أمرين في أحدهما أظهر من الآخر‏.‏

والعلاقة بين المجمل والمبين التّقابل‏.‏

حكم المجمل

3 - ذكر العلماء أنّ حكم المجمل التّوقف فيه إلى أن يرد تفسيره وتبيينه، ولا يصح الاحتجاج بظاهره في شيءٍ يقع فيه النّزاع‏.‏

قال الماورديّ‏:‏ إن كان الإجمال من جهة الاشتراك واقترن به تبيينه أخذ به‏.‏

وإن تجرّد عن ذلك واقترن به عرف عمل به، وإن تجرّد عن التّبيين والعرف وجب الاجتهاد في المراد منها، وكان من خفيّ الأحكام الّتي وكّل العلماء فيها إلى الاستنباط، فصار داخلاً في المجمل لخفائه وخارجاً منه لإمكان استنباطه، ومثّلوا لهذا بقوله تعالى في النّفقة‏:‏ ‏{‏لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ‏}‏ حيث أجملت الآية النّفقة في أقلّها وأوسطها وأكثرها حتّى اجتهد العلماء في تقديرها‏.‏

ويتعلّق بالمجمل أحكام منها‏:‏

أوّلاً‏:‏ وقوع المجمل في الكتاب والسنّة

4 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يجوز ورود المجمل في كتاب اللّه تعالى وفي سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وأنّ ذلك واقع فعلاً كآيات الصّلاة والزّكاة والجمعة حيث جاءت مجملةً ثمّ بيّنت بنصوص أخرى‏.‏

وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ‏.‏

ثانياً‏:‏ التّعبد بالمجمل قبل البيان والحكمة في ذلك

5 - قال الماورديّ والروياني‏:‏ يجوز التّعبد بالخطاب بالمجمل قبل البيان لأنّه صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً - رضي الله عنه - إلى اليمن وقال‏:‏ «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّي رسول اللّه، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم خمس صلواتٍ في كلّ يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» وتعبّدهم بالتزام الزّكاة قبل بيانها ن وفي كيفيّة تعبدهم بالتزامها وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنّهم متعبّدون قبل البيان بالتزامه بعد البيان‏.‏

والثّاني‏:‏ أنّهم متعبّدون قبل البيان بالتزامه مجملاً وبعد البيان بالتزامه مفسّراً‏.‏

وقال ابن السّمعانيّ‏:‏ قالوا‏:‏ إنّ التزام المجمل قبل بيانه واجب واختلف أصحابنا في كيفيّة التزامه على وجهين وذكرهما‏.‏

قال الغزالي فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ‏}‏ يفهم من أصل الإيجاب، ويعزم على أدائه وينتظر بيانه وقت الحصاد فالمخاطب فهم أصل الأمر بالزّكاة وجهل قدر الحقّ الواجب عند الحصاد وعرف كذلك وقت الإيتاء وأنّه حق في المال‏.‏

والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

6 - وأمّا الحكمة في ذلك فقال الماورديّ والروياني‏:‏ إنّما جاز الخطاب بالمجمل وإن كانوا لا يفهمونه لأحد أمرين‏:‏

الأوّل‏:‏ ليكون إجماله توطئةً للنّفس على قبول ما يتعقّبه من البيان، فإنّه لو بدأ في تكليف الصّلاة وبيّنها لجاز أن تنفر النّفوس منها ولا تنفر من إجمالها‏.‏

والثّاني‏:‏ أنّ اللّه تعالى جعل من الأحكام جلياً وجعل منها خفياً ليتفاضل النّاس في العلم بها، ويثابوا على الاستنباط لها، فلذلك جعل منها مفسّراً جلياً وجعل منها مجملاً خفياً، ثمّ قال الماورديّ‏:‏ ومن المجمل ما لا يجب بيانه على الرّسول صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقال الغزالي رحمه الله‏:‏ قلنا‏:‏ إنّما يجوز الخطاب بمجمل يفيد فائدةً ما لأنّ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ‏}‏ يعرف منه وجوب الإيتاء ووقته وأنّه حق في المال، فيمكن العزم فيه على الامتثال والاستعداد له ولو عزم على تركه عصى‏.‏

والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

مَجْنون

انظر‏:‏ جنون‏.‏

مُجَهِّل

انظر‏:‏ تجهيل‏.‏

مَجْهول

انظر‏:‏ جهالة‏.‏

مَجُوس

التّعريف

1 - المجوس‏:‏ فرقة من الكفرة يعبدون الشّمس والقمر والنّار‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أهل الذّمّة‏:‏

2 - الذّمّة‏:‏ الأمان لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم»‏.‏

والذّمّة أيضاً الضّمان والعهد، وعهد الذّمّة‏:‏ إقرار بعض الكفّار على كفره بشرط بذل الجزية، وأهل الذّمّة من أهل العهد‏.‏

والمجوسي يكون من أهل الذّمّة إن عقد مع الإمام أو نائبه عقد الذّمّة‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمجوس

آنية المجوسيّ

2 - ذهب المالكيّة إلى أنّه يجب غسل آنية المجوسيّ لأنّهم يأكلون الميتة فلا يقرّب لهم طعام، وحجّتهم حديث أبي ثعلبة الخشنيّ قال‏:‏ «سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قدور المجوس فقال‏:‏ أنقوها غسلاً واطبخوا فيها»‏.‏

ذبيحة المجوسيّ

4 - لا يحل للمسلم أكل ذبيحة المجوسيّ عند جمهور الفقهاء الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة، وهو قول ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وعليٍّ وجابرٍ وأبو بردة وسعيد بن المسيّب وعكرمة والحسن بن محمّدٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ وابن أبي ليلى وسعيد بن جبيرٍ ومرّة الهمذانيّ والزهريّ رضي الله عنهم‏.‏

واحتجوا بمفهوم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ‏}‏ لأنّ إباحة طعام أهل الكتاب للمسلمين يقتضي تحريم طعام غيرهم من الكفّار‏.‏

وما روي أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «لا تؤكل ذبيحة المجوسيّ»‏.‏

وما روي عن قيس بن سكنٍ الأسديّ قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنّكم نزلتم بفارس من النّبط، فإذا اشتريتم لحماً، فإن كان من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ فكلوا، وإن كانت ذبيحة مجوسيٍّ فلا تأكلوا»‏.‏

وخالف أبو ثورٍ وأباح ذبيحة المجوس محتجاً بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «سنوا بهم سنّة أهل الكتاب»، ومن حيث المعقول فلأنّهم يقرون على الجزية كما يقر لأهل الكتاب فيقاسون عليهم في حلّ ذبائحهم‏.‏

صيد المجوسيّ وحده أو بالاشتراك مع المسلم

أ - صيد المجوسيّ وحده‏:‏

5 - إذا صاد المجوسي وحده بسهمه أو كلبه فإنّ العلماء اختلفوا في حكم صيده بالنّسبة للمسلم على قولين‏:‏

القول الأوّل‏:‏ ذهب عامّة أهل العلم إلى القول بتحريم صيد المجوسيّ على المسلم إذا كان الصّيد ممّا له زكاة أمّا ما ليست له زكاة كالسّمك والجراد فإنّهم قالوا‏:‏ بحلّه‏.‏

القول الثّاني‏:‏ ذهب أبو ثورٍ إلى حلّ صيد المجوسيّ كما قال بحلّ ذبيحته ودليله هو ما سبق في قوله في ذبيحته‏.‏

ب - صيد المجوسيّ مشتركاً مع المسلم‏:‏

6 - ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا اشترك مجوسي مع من هو أهل للصّيد فإنّ الصّيد حرام لا يؤكل، وذلك لقاعدة تغليب جانب الحرمة على جانب الحلّ‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏صيد - ف 40 وما بعدها‏)‏‏.‏

نكاح المجوسيّ

أ - زواج المسلم بالمجوسيّة‏:‏

7 - ذهب جمهور العلماء إلى حرمة زواج المسلم من المجوسيّة واستدلوا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ‏}‏‏.‏

وبقولـه تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‏}‏‏.‏

وذهب أبو ثورٍ إلى حلّ نكاح المسلم بالمجوسيّة، وقال ابن القصّار من المالكيّة‏:‏ قال بعض أصحابنا‏:‏ يجب على أحد القولين أنّ لهم كتاباً أن تجوز مناكحتهم‏.‏

واحتجوا بأنّ المجوس لهم كتاب فهم من أهل الكتاب وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ‏}‏‏.‏

ب - زواج المجوسيّ بالمسلمة‏:‏

8 - يحرم بالإجماع زواج المجوسيّ بالمسلمة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ‏}‏‏.‏

وهذا الحكم لا استثناء فيه بخلاف ما قبله في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ‏}‏ حيث استثني منه أهل الكتاب‏.‏

ج - إسلام زوجة المجوسيّ‏:‏

9 - إذا أسلمت زوجة المجوسيّ قبل زوجها فقد اختلف العلماء في ذلك على أقوالٍ‏.‏ والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏إسلام ف 6‏)‏‏.‏

تشبيه المسلم زوجته بالمجوسيّة

10 - إذا ظاهر الزّوج المسلم من امرأته فشبّهها بالمجوسيّة فقد اختلفت أقوال الفقهاء في حكم هذا الظّهار على الأقوال الآتية‏:‏

القول الأوّل‏:‏ ليس ذلك بظهار وهو قول الحنفيّة والشّافعيّة ورواية عن أحمد ووجه هذا القول أنّها غير محرّمةٍ على التّأبيد فلم تشبه الأمّ فلا يكون ظهاراً وبقياس حرمة وطئها على حرمة وطء الحائض والمحرمة‏.‏

القول الثّاني‏:‏ هو ظهار وهو مذهب الحنابلة وقول لبعض المالكيّة‏.‏

القول الثّالث‏:‏ للمالكيّة أنّه إنّ شبّه الزّوجة بظهر المجوسيّة وهي من المحرّمات مؤقّتاً فهو كناية ظاهرة في الظّهار إن نواه يقبل قوله في الفتوى والقضاء وإن شبّه الزّوجة بالمجوسيّة دون كلمة الظّهر فإنّه إن نوى الظّهار قبل قوله في الفتوى، ووجه هذا القول أنّ المجوسيّة ليست محرّمةً على التّأبيد فلا يكون اللّفظ صريحاً في الظّهار‏.‏

ولمّا كان يقصد به الظّهار كان كنايةً فيه‏.‏

ظهار المجوسيّ

11 - إذا ظاهر المجوسي من زوجته فقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين‏:‏

القول الأوّل‏:‏ لا يصح ظهاره وهو قول الحنفيّة والمالكيّة وحجّتهم‏:‏

أ - قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ‏}‏‏.‏

ووجه الاستدلال أنّ اللّه تعالى قال‏:‏ ‏{‏مِنكُم‏}‏ فالخطاب للمؤمنين فيدل على اختصاص الظّهار بالمسلمين‏.‏

ب - المجوسي ليس أهلاً للكفّارة فلا يصح ظهاره لأنّها تفتقر إلى النّيّة وهو ليس من أهلها‏.‏

القول الثّاني‏:‏ يصح ظهار المجوسيّ وهو قول الشّافعيّة والحنابلة وحجّتهم‏:‏

أ - قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ‏}‏‏.‏

ووجه الدّلالة أنّ الآية عامّة فيدخل فيها الكافر أيضاً فصحّ ظهاره‏.‏

ب - الظّهار لفظ يقتضي التّحريم فيصح من المجوسيّ كما يصح منه الطّلاق‏.‏

ج - الكفّارة فيها شائبة غرامةٍ فيصح منه الإعتاق‏.‏

وصيّة المجوسيّ والوصيّة له

12 - تأخذ كل من وصيّة المجوسيّ والوصيّة له حكم وصيّة الكافر والوصيّة له وذلك في الجملة والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏وصيّة‏)‏‏.‏

وقف المجوسيّ

13 - يصح وقف المجوسيّ ما دام بالغاً عاقلاً أهلاً للتّبرع إذا كان الموقوف عليه قربةً عند المسلمين وعند المجوس‏.‏

أما إذا كان الوقف على معصيةٍ عند المسلمين وعند المجوس فإنّ الوقف يكون باطلاً وهذا في الجملة والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏وقف‏)‏‏.‏

توارث المجوسيّ والمسلم

14 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المجوسيّ لا يرث المسلم ولا يرثه المسلم لأنّه كافر لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم»‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏جزية ف 28 20‏)‏‏.‏

القصاص بين المجوسيّ وغيره

15 - المجوسي كافر وحكمه في القصاص حكم الكافر وهو مختلف فيه في القصاص له أو منه والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏قصاص ف 13 وما بعدها‏)‏

دية المجوسيّ

16 - اختلف الفقهاء في دية المجوسيّ الذّمّيّ أو المستأمن على تفصيلٍ ينظر في‏:‏ ‏(‏ديات ف 32‏)‏‏.‏

تولية المجوسيّ القضاء

17 - اتّفق الفقهاء على أنّ المجوسيّ لا يتولّى القضاء على المسلم لأنّ القضاء ولاية بل من أعظم الولايات - ولا ولاية لكافر على مسلمٍ - لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً‏}‏‏.‏

وأمّا تولية المجوسيّ القضاء على المجوسيّ فاختلف فيها الفقهاء والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قضاء ف 22‏)‏‏.‏

قضاء القاضي المسلم بين المجوس

18 - اختلف الفقهاء في وجوب قضاء القاضي المسلم بين المجوس إذا ترافعوا إلينا وكانوا أهل ذمّةٍ أو عدم وجوبه‏:‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا تحاكم المجوس وهم من أهل الذّمّة إلى الإمام ليس له أن يعرض عنهم ونصوا على أنّ المسلمين وأهل الذّمّة سواء في عقود المعاملات والتّجارات والحدود إلا أنّهم لا يرجمون لأنّهم غير محصنين‏.‏

واختلف الحنفيّة في مناكحاتهم، فقال أبو حنيفة‏:‏ هم مقرون على أحكامهم لا يعترض عليهم فيها إلا أن يرضوا بأحكامنا‏.‏

وقال محمّد‏:‏ إذا رضي أحدهما حملا جميعاً على أحكامنا وإن أبى الآخر إلا في النّكاح بغير شهودٍ خاصّةٍ، وقال أبو يوسف‏:‏ يحملون على أحكامنا وإن أبوا إلا في النّكاح بغير شهودٍ نجيزه إذا تراضوا بها‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إذا كانت الخصومة بين ذمّيّين خيّر القاضي في الحكم بينهم وبحكم الإسلام في المظالم من الغصب والتّعدّي وجحد الحقوق‏.‏

وإن تخاصموا في غير ذلك ردوا إلى أهل دينهم إلا أن يرضوا بحكم الإسلام، وإن كانت الخصومة بين مسلمٍ وذمّيٍّ وجب على القاضي الحكم بينهما‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لو ترافع إلينا مجوسي ذمّي أو معاهد أو مستأمن ومسلم يجب الحكم بينهما بشرعنا قطعاً طالباً كان المسلم أو مطلوباً لأنّه يجب رفع الظلم عن المسلم والمسلم لا يمكن رفعه إلى حاكم أهل الذّمّة ولا تركهما متنازعين، فرددنا من مع المسلم إلى حاكم المسلمين لأنّ الإسلام يعلو ولا يعلى عليه‏.‏

ولو ترافع مجوسيّان ذمّيّان ولم نشترط في عقد الذّمّة لهما التزام أحكامنا وجب علينا الحكم بينهما في الأظهر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ‏}‏‏.‏

ولأنّه يجب على الإمام منع الظلم عن أهل الذّمّة فوجب الحكم بينهم كالمسلمين، والثّاني‏:‏ وهو مقابل الأظهر لا يجب على القاضي الحكم بل يتخيّر لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ‏}‏‏.‏

أما لو ترافع إلينا مجوسيّان شرط في عقد الذّمّة لهما التزام أحكامنا فإنّه يجب الحكم بينهما جزماً عملاً بالشّرط‏.‏

وإن ترافع إلينا ذمّيّان اختلفت ملّتهما وأحدهما مجوسي فيجب كذلك على القاضي المسلم الحكم بينهما جزماً لأنّ كلاً منهما لا يرضى ملّة الآخر‏.‏

واستثنى الشّربيني الخطيب وغيره ما لو ترافع إلينا أهل الذّمّة في شرب الخمر فإنّهم لا يحدون وإن رضوا بحكمنا لأنّهم لا يعتقدون تحريمه‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ إذا تحاكم إلينا أهل الذّمّة أي ومنهم المجوس الذّمّيون إذا استعدى بعضهم على بعضٍ فالحاكم مخيّر بين إحضارهم والحكم بينهم وبين تركهم سواء كانوا من أهل دينٍ واحدٍ أو من أهل أديانٍ‏.‏

وحكى أبو الخطّاب عن أحمد روايةً أنّه يجب الحكم بينهم وإن تحاكم مسلم وذمّي - مجوسي - وجب الحكم بينهما بغير خلافٍ لأنّه يجب دفع الظلم كل واحدٍ منهما عن صاحبه‏.‏

شهادة المجوسيّ على المسلم

19 - لا خلاف بين العلماء في جواز شهادة المسلم على المجوسيّ وغيره من الكفّار لأنّ المسلم أهل للولاية على المجوسيّ‏.‏

ولا خلاف بين العلماء أيضاً في عدم جواز شهادة المجوسيّ على المسلم لا في حضرٍ ولا سفرٍ ولا وصيّةٍ ولا غيرها‏.‏

لقولـه تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ‏}‏ والمجوسي ليس منّا وليس عدلاً فلا تجوز شهادته على المسلم‏.‏

‏(‏وانظر شهادة - ف 5‏)‏‏.‏

عقد الذّمّة للمجوسيّ

20 - إذا دعي المجوسي إلى الإسلام فأبى ثمّ دعي إلى الجزية فقبلها عقدت لهم الذّمّة‏.‏ وأخذ الجزية من المجوسيّ ثابت بالإجماع فإنّ الصّحابة أجمعوا على ذلك وعمل به الخلفاء الرّاشدون ومن بعدهم من غير نكيرٍ ولا مخالفٍ وبه يقول أهل العلم‏.‏

وذلك لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «سنوا بهم سنّة أهل الكتاب»‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏جزية ف 28 - 29‏)‏‏.‏

مُجُون

التّعريف

1 - المجون في اللغة‏:‏ الصّلابة والغلظة، وهو مصدر مجن الشّيء يمجن مجوناً‏:‏ صلب وغلظ، والوصف ماجن، ومنه اشتقاق الماجن لصلابة وجهه وقلّة حيائه، وقيل‏:‏ المجون خلط الجدّ بالهزل‏.‏

وفي لسان العرب‏:‏ الماجن عند العرب هو الّذي يرتكب المقابح المردية والفضائح المخزية ولا يمنعه عذل عاذله ولا تقريع من يقرّعه‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ أن لا يبالي الإنسان بما صنع‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

السّفه‏:‏

2 - السّفه في اللغة‏:‏ نقص في العقل‏.‏

وأصله الخفّة‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ صفة لا يكون الشّخص معها مطلق التّصرف‏.‏

والصّلة أنّ كلاً من المجون والسّفه نقص في الشّخص‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمجون

3 - المجون يسقط المروءة ويخرم العدالة، فلا تقبل شهادة الماجن وهو من لا يبالي ما صنع، ولا يترفّع عن التّصرفات الدّنيئة الّتي يستحيي منها أهل المروءات، وذلك إمّا لنقص عقلٍ أو قلّة مبالاةٍ وعلى التّقديرين تبطل الثّقة بقوله فلا تقبل شهادته‏.‏

الحجر على الماجن

4 - نصّ الحنفيّة على أنّه يمنع المفتي الماجن الّذي يعلم الحيل الباطلة كتعليم المرأة الرّدّة لتبين من زوجها، ويمنع طبيب جاهل وهو الّذي يسقي المرضى دواءً مهلكاً، ويمنع مكارٍ مفلسٍ كمن يكري إبلاً وليس له إبل ولا مال ليشتريها به وإذا جاء أوان الخروج يخفي نفسه، ومنع هؤلاء المفسدين للأديان والأبدان والأموال دفع إضرارٍ بالخاصّ والعامّ‏.‏

وليس المراد بالمنع هنا حقيقة الحجر وهو المنع الشّرعي الّذي يمنع نفوذ التّصرف لأنّ المفتي لو أفتى بعد المنع وأصاب جاز وكذا الطّبيب لو باع الأدوية نفذ فدلّ على أنّ المراد المنع الحسّيّ‏.‏

مُحَابَاة

التّعريف

1 - المحاباة في اللغة‏:‏ مصدر حابى يقال‏:‏ حاباه محاباةً وحباءً‏:‏ اختصّه ومال إليه ونصره‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

قال القهستانيّ‏:‏ المحاباة هي النقصان عن قيمة المثل في الوصيّة بالبيع والزّيادة على قيمته في الشّراء‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمحاباة

المحاباة في المعاوضات الماليّة

أوّلاً‏:‏ المحاباة في البيع والشّراء‏:‏

أ - المحاباة من الصّحيح‏:‏

2 - المحاباة من الصّحيح غير المريض مرض الموت يترتّب عليها استحقاق المتبرّع له بها من جميع مال المحابي إن كان صحيحاً عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة، لأنّ المحاباة توجب الملك في الحال فيعتبر حال التّعاقد فإذا كان المحابي صحيحاً حينئذٍ فلا حقّ لأحد في ماله فتؤخذ من جميع ماله لا من الثلث‏.‏

ويرى المالكيّة أنّ المحاباة إذا كانت من الصّحيح فإمّا أن يقبض المشتري ذلك قبضاً معتبراً شرعاً أم لا، فإن قبضها قبضاً معتبراً ففيها قولان‏:‏ أرجحهما اختصاص المشتري بها دون غيرها من الورثة أو الدّائنين‏.‏

وإن لم يقع قبض ففيه ثلاثة أقوالٍ ذكرها ابن رشدٍ‏:‏

أحدها‏:‏ يبطل البيع في الجميع ويرد إلى المشتري ما دفع من ثمنٍ، وهذا هو ما في الواضحة عن الأخوين وأصبغ وقول ابن القاسم‏.‏

ثانيها‏:‏ يبطل البيع في قدر المحاباة من المبيع ويكون للمشتري من المبيع بقدر ثمنه‏.‏ وثالثها‏:‏ يخيّر في تملك جزءٍ من المبيع بقدر ثمنه، وفي أن يدفع بقيّة الثّمن فيكون له جميع المبيع‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ ولو كان ابتداء المحاباة في حال الصّحّة وتمامها في مرض الموت مثل ما إذا باع بمحاباة على أنّ له خيار الفسخ خلال ثلاثة أيّامٍ فمضت مدّة الخيار في مرضٍ طرأ عليه خلالها ومات منه فإنّه يعتبر خروج المحاباة من جميع مال المحابي لا من الثلث‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لو باع بمحاباة بشرط الخيار ثمّ مرض وأجاز في مدّة الخيار، أو ترك الفسخ فيها عامداً، إن قلنا الملك فيها للبائع فمن الثلث يعتبر قدر المحاباة، لأنّه ألزم العقد في المرض باختياره فأشبه من وهب في الصّحّة وأقبض في المرض، وإلا فكمن اشترى شيئاً بمحاباة ثمّ مرض ووجده معيباً ولم يردّه مع الإمكان فلا يعتبر من الثلث لأنّه ليس بتفويت بل امتناع من الكسب فقط‏.‏

ب - المحاباة من المريض مرض الموت لغير وارثه‏:‏

3 - نصّ الحنفيّة على أنّه لا يجوز المحاباة ولو يسيرةً من المريض المدين بدين يحيط بكلّ ماله لو باع شيئاً من ماله لأجنبيّ - أي غير وارثٍ له - سواء أجازت الورثة المحاباة أم لا ويكون على المشتري حينئذٍ أن يزيل المحاباة بزيادة الثّمن إلى ثمن المثل أو يفسخ البيع‏.‏ وإن لم يكن على المريض دين تجوز المحاباة ولو فاحشةً لكن تكون في ثلث ماله تؤخذ منه إن وسعها، بأن كانت المحاباة مساويةً للثلث أو أقلّ منه، أمّا إن كانت المحاباة أكثر من الثلث فلا تجوز الزّيادة إلا إذا أجازها الورثة باتّفاق المذاهب‏.‏

وإن لم يجز الورثة ذلك كان للمشتري - عند الحنفيّة - أن يكمل بقيّة الثّمن أو يفسخ البيع‏.‏

وعند المالكيّة ثلاثة أقوالٍ‏:‏

أحدها‏:‏ يخيّر المشتري بين أن يكمل بقيّة الثّمن ويكون له جميع المبيع وبين أن يأخذ ما دفع وليس له إلا ثلث مال الميّت‏.‏

وثانيها‏:‏ يخيّر بين أن يكمل بقيّة الثّمن فيكون له جميع المبيع فإذا أبى فله ما يقابل ثمنه من المبيع وثلث مال الميّت‏.‏

وثالثها‏:‏ ليس له أن يكمل جبراً على الورثة ويكون له ما يقابل ثمنه من المبيع مع ثلث مال الميّت‏.‏

وعند الشّافعيّة‏:‏ للمشتري الخيار بين فسخ البيع والإجازة في الثلث بما يقابله من الثّمن لتفريق الصّفقة عليه‏.‏

وعند الحنابلة‏:‏ إن اختار المشتري فسخ البيع فله ذلك وإن اختار إمضاء البيع ولزومه قال ابن قدامة‏:‏ الصّحيح عندي - فيما إذا باع المريض عقاراً لا يملك غيره، قيمته ثلاثون بعشرة - أنّه يأخذ نصف المبيع بنصف الثّمن ويفسخ البيع في الباقي لأنّ في ذلك مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثّمن عند تعذر أخذ جميع المبيع بجميع الثّمن‏.‏

واختار القاضي أبو يعلى أن يأخذ المشتري ثلثي المبيع بالثّمن كلّه، لأنّه يستحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثّمن‏.‏

ج - المحاباة من المريض مرض الموت لوارثه‏:‏

4 - إن كانت المحاباة من المريض مرض الموت لوارثه فلا تجوز إلا إذا أجازها باقي الورثة‏,‏ سواء كانت المحاباة يسيرةً أو فاحشةً لأنّ المحاباة في المرض بمنزلة الوصيّة‏,‏ والوصيّة لوارث لا تجوز إلا بإجازة الورثة‏,‏ اتّفق على هذا الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة‏.‏ إلا أنّ الشّافعيّة ذهبوا إلى أنّ المحاباة لوارث أو لغير وارثٍ تجوز إذا كانت يسيرةً - أي يتغابن بمثله - ويحسب من جميع مال المريض كبيعه بثمن المثل‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ تبطل المحاباة ويبطل البيع في قدر المحاباة من المبيع‏,‏ وفي صحّة البيع فيما عدا قدر المحاباة ثلاثة أوجهٍ‏:‏ أحدها‏:‏ لا يصح‏,‏ لأنّ المشتري بذل الثّمن في كلّ المبيع فلم يصحّ البيع في بعضه‏.‏

الثّاني‏:‏ يبطل البيع في قدر المحاباة ويصح فيما يقابل الثّمن المسمّى بينهما‏,‏ وللمشتري الخيار بين فسخ البيع وأخذ ما يقابل الثّمن‏,‏ لأنّ الصّفقة تفرّقت عليه‏.‏

الثّالث‏:‏ يصح البيع في قدر المحاباة وغيرها‏,‏ ولا ينفذ إلا بإجازة بقيّة الورثة‏,‏ لأنّ الوصيّة للوارث صحيحة في أصحّ الرّوايتين‏,‏ وتتوقّف على إجازة بقيّة الورثة فكذلك المحاباة‏,‏ فإن أجازوا المحاباة صحّ البيع ولا خيار للمشتري‏.‏

وإن لم يجز بقيّة الورثة المحاباة فعند الحنفيّة‏:‏ يخيّر الوارث بين فسخ البيع وإزالة المحاباة بإكمال الثّمن‏.‏

وعند الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ يبطل البيع في قدر المحاباة‏,‏ ويصح فيما بقي‏,‏ وللمشتري الخيار بين فسخ البيع وأخذ ما بقي بعد قدر المحاباة‏.‏

وللمالكيّة في ذلك ثلاثة أقوالٍ منقولةٍ كلّها عن ابن القاسم‏:‏ نقل أبو الحسن عنه أنّه يبطل البيع والمحاباة ويرد له ما دفع من الثّمن‏,‏ ونقل ابن عرفة عنه أنّه تبطل المحاباة فقط‏,‏ ويكون للوارث من المبيع بقدر ما دفع من الثّمن‏.‏

ونقل عنه في المقصد المحمود أنّ للوارث أن يكمل الثّمن‏,‏ ويكون له جميع المبيع جبراً على الورثة‏.‏

وروى مطرّف عن مالكٍ‏:‏ أنّ لبقيّة الورثة أن يأخذوا من المشتري - الوارث - بقيّة الثّمن الّذي وقعت فيه المحاباة ويكون له جميع المبيع‏,‏ قال صاحب المقصد المحمود‏:‏ وظاهر هذه الرّواية أن يكون له جميع المبيع جبراً عليه‏.‏

والعبرة في قيمة المحاباة عند المالكيّة يوم فعلها‏,‏ فينظر إلى قيمة المبيع يوم البيع لا يوم يموت البائع‏,‏ سواء كان البيع لوارث أو غير وارثٍ‏.‏

ودليل ذلك أنّ المشتري يملك المبيع من يوم البيع‏,‏ فيجب أن ينظر في قيمته يوم البيع‏,‏ فإن زادت قيمته أو نقصت فإنّما طرأ ذلك على ملكه فيكون لغواً لا اعتبار له ولا يعتد به‏.‏

د - المحاباة في عين المبيع‏:‏

5 - المحاباة كما تكون في ثمن المبيع تكون في عينه حتّى لو تمّ بيعه بمثل الثّمن أو أكثر‏,‏ وذلك مثل أن يختار البائع المريض أفضل ما عنده من عقارٍ أو منقولٍ كتحفة نادرةٍ فيبيعه لوارثه بمثل الثّمن أو أكثر‏.‏ وهذه لا تجوز عند أبي حنيفة والمالكيّة‏,‏ لأنّ المريض ممنوع من إيثار بعض الورثة بالعين‏,‏ لأنّ النّاس لهم أغراض في العين فلا يملك إيثار بعض الورثة بها‏.‏ وتجوز إن كان صحيحاً‏,‏ أو مريضاً وباعها لأجنبيّ‏.‏

هـ - محاباة الصّبيّ‏:‏

6 - المحاباة سواء كانت يسيرةً أم فاحشةً لا تجوز من الصّبيّ حتّى ولو أذن له وليه في التّجارة عند المالكيّة والحنابلة‏,‏ لأنّ تصرفات الصّبيّ لا بدّ أن تتحقّق فيها مصلحته عندهم‏,‏ والمحاباة لا يتحقّق فيها ذلك‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ يجوز للصّبيّ المأذون له - أي أذن له وليه - في التّجارة أن يبيع ويشتري بغبن يسيرٍ باتّفاق مشايخ المذهب‏,‏ لأنّ ذلك من الأمور الضّروريّة للتّجارة‏,‏ ولا يمكن التّحرز عنها‏,‏ وكذلك يجوز له - عند أبي حنيفة - أن يبيع ويشتري بغبن فاحشٍ أيضاً‏,‏ لأنّه هو الآخر لازم في التّجارة‏,‏ فيدخل تحت الإذن له بالتّجارة، وعند أبي يوسف ومحمّدٍ‏:‏ لا يجوز للصّبيّ ذلك‏,‏ لأنّ الغبن الفاحش في معنى التّبرع‏,‏ والصّبي المأذون له في التّجارة لا يجوز له التّبرع‏.‏

هذا ما إذا باع الصّبي لأجنبيّ أو اشترى منه‏,‏ فإن باع لأبيه شيئاً أو اشترى منه بغبن فاحشٍ ففيه روايتان‏:‏ الجواز وعدمه عن أبي حنيفة‏.‏

وإن باع الصّبي للوصيّ عليه أو اشترى منه فإن لم يكن فيهما نفع ظاهر للصّبيّ لا يجوز عند الحنفيّة بدون خلافٍ‏.‏ وإن كان فيهما نفع ظاهر للصّبيّ ومع ذلك فيهما محاباة فاحشة‏,‏ فعند أبي حنيفة وأبي يوسف‏:‏ يجوز لما فيه من نفعٍ ظاهرٍ‏,‏ وعند محمّدٍ‏:‏ لا يجوز لما فيه من محاباةٍ فاحشةٍ‏.‏

و - محاباة النّائب عن الصّغير وغيره‏:‏

7 - لا يملك ولي الصّغير ونحوه‏,‏ ولا وصيه المحاباة في مالهم عند الجمهور سواء كانت محاباةً يسيرةً أو محاباةً فاحشةً‏,‏ لأنّ المحاباة تصرف ليس فيه مصلحة‏,‏ وهو أمر لازم على من يتصرّف للصّغير‏.‏

إلا أنّ المالكيّة أجازوا للأب فقط بيع مال ولده الصّغير بمحاباة لنفسه ولغيره‏,‏ بسبب يوجب البيع أو بدون سببٍ‏,‏ وذلك لأنّ بيعه هذا يحمل على الصّواب والمصلحة الّتي تفوق المحاباة‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ يجوز عقده في مال الصّغير بالمحاباة اليسيرة‏,‏ ولا تجوز بالمحاباة الفاحشة‏,‏ ولا يتوقّف العقد معها على الإجازة بعد بلوغ الصّغير‏,‏ لأنّه عقد لا مجيز له أثناء التّعاقد ويكون العقد في حال الشّراء بمحاباة فاحشةٍ نافذاً على العاقد النّائب لا على الصّغير‏.‏ والّذي عليه الفتوى عند الحنفيّة‏:‏ أنّ الأب إذا باع عقار ابنه الصّغير بمحاباة يسيرةٍ يجوز البيع إذا كان الأب محمود السّيرة مستور الحال‏.‏

أمّا إن كان مفسداً فلا يجوز إلا أن يكون البيع بضعف القيمة‏.‏

والوصي في بيع عقار الصّغير كالأب المفسد‏,‏ والقاضي كالوصيّ‏.‏

وفي الفتاوى الصغرى للحنفيّة‏:‏ إذا اشترى الوصي مال الصّغير لنفسه يجوز إذا كان خيراً للصّغير، ومعنى الخيريّة‏:‏ أن يشتري ما يساوي عشرةً بخمسة عشر فصاعداً‏,‏ أو يبيع له من مال نفسه ما يساوي خمسة عشر بعشرة فقط دون أيّ زيادةٍ‏,‏ وبه يفتى‏.‏

وجاء في بعض كتب الحنفيّة‏:‏ أنّ الوصيّ إذا باع مال الصّغير بمحاباة يسيرةٍ لمن لا تقبل شهادته له - كابنه وأبيه وزوجته - لا يجوز‏.‏

ز - محاباة الوكيل‏:‏

8 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تصرف الوكيل بيعاً وشراءً بغبن يسيرٍ أي بما يتغابن به في العرف كشراء ما يساوي تسعةً بعشرة أو بيع ما يساوي عشرةً بتسعة إذا لم يكن الموكّل قد قدّر قيمة المثمّن للوكيل‏,‏ ويختلف العرف باختلاف الأعيان من الأموال فلا تعتبر النّسبة في المثال المذكور‏,‏ لأنّه لا يمكن التّوقّي والتّحرز من ذلك في التّعامل على الجملة‏.‏

أمّا الغبن الفاحش مثل أن يبيع الوكيل ما يساوي عشرةً بخمسة مثلاً فإنّه لا يجوز‏.‏

وعند المالكيّة‏:‏ ينفذ البيع ويغرم الوكيل لموكّله ما حابى به‏,‏ وقيل‏:‏ يخيّر الموكّل في فسخ البيع وإجازته إلا إذا نقص المبيع في ثمنه أو بدنه فيلزم الوكيل حينئذٍ الأكثر من الثّمن أو القيمة‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ الوكيل بالشّراء فقط يصح شراؤه لموكّله بغبن يسيرٍ ولا يصح بغبن فاحشٍ بدون خلافٍ بينهم‏.‏

وكذلك حكم الوكيل بالبيع فقط عند أبي يوسف ومحمّدٍ‏.‏

وعند أبي حنيفة‏:‏ يصح بيع الوكيل بالبيع لموكّله بغبن فاحشٍ‏,‏ والفرق عند أبي حنيفة هو احتمال التهمة في الشّراء دون البيع‏,‏ لجواز أنّ الوكيل اشترى لنفسه‏,‏ فلمّا ظهرت الزّيادة الفاحشة في الثّمن جعل الشّراء لموكّله‏.‏

ونقل الأتقانيّ عن خواهر زاده‏:‏ أنّ جواز عقد الوكيل بالشّراء بغبن يسيرٍ يكون في سلعةٍ يحتاج فيها إلى مساومةٍ في قدر الثّمن‏,‏ وليس لها ثمن معروف ومحدّد بين النّاس‏.‏

وأمّا إذا كان سعرها معلوماً أو محدّداً كالخبز واللّحم وغيرهما إذا زاد الوكيل بالشّراء على ذلك السّعر لا يلزم الموكّل‏,‏ سواء قلّت الزّيادة أو كثرت‏,‏ لأنّ هذا لا يحتاج إلى رأيٍ أو تقويمٍ‏,‏ للعلم به‏,‏ قال في بيوع التّتمّة‏:‏ وبه يفتى‏.‏

والوكيل بالبيع إذا باع لمن لا تقبل شهادته له لا يجوز بيعه‏,‏ سواء كان البيع بغبن فاحشٍ أو يسيرٍ عند أبي حنيفة‏.‏

وعند أبي يوسف ومحمّدٍ‏:‏ يجوز بيعه لهم بغبن يسيرٍ لا فاحشٍ‏.‏

وإن صرّح الموكّل للوكيل بالبيع لمن لا تقبل شهادته له‏,‏ وأجاز له التّصرف مع من يشاء جاز بيعه لهم بدون خلافٍ‏.‏

ويستثنى من ذلك أن يبيعه لنفسه أو لولده الصّغير‏,‏ فإنّه لا يجوز له ذلك حتّى وإن صرّح الموكّل له بذلك‏.‏

وكذلك حكم الوكيل بالشّراء إذا اشترى منهم‏.‏

ثانياً‏:‏ الفسخ للمحاباة

9 - جاء في البدائع‏:‏ البيع بالمحاباة تصرف يحتمل الفسخ في نفسه في الجملة فيفسخ بخيار العيب والرؤية والشّرط والإقالة - إذ هي فسخ في حقّ المتعاقدين عند أبي حنيفة ومحمّدٍ - فكانت المحاباة محتملةً للفسخ في الجملة‏.‏

ثالثاً‏:‏ المحاباة في الإجارة

10 - ذهب الحنفيّة‏:‏ إلى أنّ المحاباة في إجارة المريض معتبرة من جميع ماله ولا تعتبر من الثلث‏.‏

قال الشرنبلاليّ‏:‏ مريض أجّر داره بأقلّ من أجرة المثل قالوا‏:‏ جازت الإجارة من جميع ماله ولا تعتبر من الثلث لأنّه لو أعارها وهو مريض جازت‏,‏ والإجارة بأقلّ من أجر المثل أولى‏.‏ وقال الشّافعيّة‏:‏ لو أجّر مريض ملكه بدون أجرة المثل‏,‏ فقدر المحاباة معتبر من الثلث‏,‏ بخلاف ما لو أجّره في الصّحّة فلا تعتبر قيمته من الثلث بل من رأس المال‏.‏

رابعاً‏:‏ المحاباة في الشفعة

11 - عند الحنفيّة‏:‏ المريض مرض الموت إذا باع داراً له مثلاً وحابى المشتري‏:‏ بأن باعها بألفين وقيمتها ثلاثة آلافٍ ففيها‏.‏ التّفصيل الآتي‏:‏

إن باعها لوارث من ورثته وشفيعها غير وارثٍ فلا شكّ أنّه لا شفعة أصلاً عند أبي حنيفة‏,‏ لأنّ بيعها للوارث بدون محاباةٍ فاسد عنده‏,‏ فبيعها بالمحاباة أولى‏,‏ ولا شفعة في البيع الفاسد‏.‏

وعند أبي يوسف ومحمّد‏:‏ البيع جائز‏,‏ لكن يدفع المشتري قدر المحاباة‏,‏ فتجب الشفعة‏.‏ قال صاحب المبسوط‏:‏ الأصح هو ما ذهب إليه أبو حنيفة‏.‏

وإن باعها لغير وارثٍ فكذلك لا شفعة للوارث عند أبي حنيفة‏,‏ لأنّ الشّفيع يأخذ الدّار بنفس الصّفقة مع غير الورّاث بعد تحولها إليه‏,‏ أو بصفقة مبتدأةٍ مقدّرةٍ بينهما‏,‏ فكان ذلك بيعاً للوارث بالمحاباة‏,‏ وسواء أجازت الورثة الشفعة أو لم يجيزوا‏,‏ لأنّ الإجارة محلها العقد الموقوف‏,‏ والشّراء وقع نافذاً من المشتري‏,‏ لأنّ المحاباة في الصورة المذكورة - قدر الثلث‏,‏ وهي نافذة في الألفين من الثّلاثة للأجنبيّ - غير الوارث فانتفت إجازة الورثة في حقّ المشتري‏,‏ فتنتفي في حقّ الشّفيع أيضاً‏.‏

وعن أبي يوسف ومحمّد روايتان‏:‏ إحداهما‏:‏ لا شفعة له‏,‏ والثّانية‏:‏ له الشفعة‏.‏

وإن كان الشّفيع أجنبياً غير وارثٍ فله أن يأخذ الدّار بألفين‏.‏

وإذا برئ المريض من مرضه بعد البيع بالمحاباة والشّفيع وارثه، فإن لم يكن علم بالبيع إلى وقت البرء فله أن يأخذ الدّار بالشفعة‏,‏ لأنّ المرض إذا زال وشفي منه المريض فهو بمنزلة حالة الصّحّة‏,‏ وإن كان الوارث قد علم بالبيع ولم يطلب الشفعة حتّى برأ المريض من مرضه فلا شفعة له‏.‏

وإذا اشترى المريض داراً وحابى البائع بأن اشتراها بألفين وقيمتها ألف‏,‏ وله سوى ذلك ألف أخرى‏,‏ ثمّ مات فالبيع جائز‏,‏ وللشّفيع فيها الشفعة‏,‏ لأنّه إنّما حابّاه بقدر الثلث‏,‏ وذلك صحيح منه في حقّ الأجنبيّ‏,‏ فيجب للشّفيع فيها الشفعة‏.‏

وعند المالكيّة‏:‏ جاء في حاشية الرهونيّ على شرح الزرقانيّ أنّ ابن القاسم سئل عن الرّجل يكون له جزء في دارٍ ليس له غيره‏,‏ قيمته ثلاثون ديناراً‏,‏ فيبيعه لرجل بعشرة دنانير وهو مريض ‏؟‏ قال‏:‏ ينظر في ذلك‏,‏ إذا مات البائع ولم يجز الورثة المحاباة يقال للمشتري‏:‏ زد الثّمن عشرةً أخرى وخذ الدّار‏,‏ وليس للورثة معارضة ذلك‏,‏ فإن فعل المشتري ذلك فللشّفيع - إن كان - أن يأخذ الدّار بعشرين ديناراً‏,‏ وإن أبى المشتري أن يزيد عشرةً وأبت الورثة تسليمه الدّار كما أوصى الميّت قيل للورثة‏:‏ أعطوه ثلث الجزء المباع له بدون أن يأخذوا منه شيئاً‏.‏

وعند الشّافعيّة‏:‏ إن باع المريض لوارثه جزءاً من عقارٍ يساوي ألفين بألف‏,‏ ولم تجز الورثة‏,‏ بطل البيع في نصفه‏,‏ لأنّه قدر المحاباة‏.‏

فإن اختار الشّفيع - وارثاً كان أو أجنبياً - أن يأخذ النّصف بالألف لم يكن للمشتري الخيار في تفريق الصّفقة‏,‏ لأنّ الشّفيع أخذه بألف‏,‏ وإن لم يأخذه الشّفيع فللمشتري أن يفسخ البيع لتفرق الصّفقة عليه‏.‏

وإن باع لأجنبيّ وحاباه والشّفيع وارث واحتمل الثلث المحاباة ففيه خمسة أوجهٍ‏:‏

أحدها‏:‏ أنّ البيع يصح في نصف الشّقص بالألف‏,‏ وللشّفيع أن يأخذه ويبقى النّصف للمشتري بلا ثمنٍ‏,‏ لأنّ المحاباة وصيّة والوصيّة للمشتري تصح‏,‏ لأنّه أجنبي‏,‏ ولا تصح للشّفيع لأنّه وارث‏,‏ فيصير كأنّه وهب للمشتري النّصف وباع له النّصف بثمن المثل‏,‏ ويأخذ الشّفيع النّصف بجميع الثّمن ويبقى النّصف للمشتري بدون ثمنٍ‏.‏

الثّاني‏:‏ يصح البيع في نصفه بالألف ويدفع إلى الشّفيع الوارث بدون محاباةٍ‏,‏ ويفسخ البيع في النّصف الباقي‏.‏

الثّالث‏:‏ البيع باطل‏,‏ لأنّ المحاباة تعلّقت بالكلّ‏,‏ فلا يجوز أن تجعل في نصفه‏.‏

الرّابع‏:‏ يصح البيع وتسقط الشفعة‏,‏ لأنّ إثبات الشفعة يؤدّي إلى إبطال المبيع‏,‏ وإذا بطل البيع سقطت الشفعة‏.‏

الخامس‏:‏ - وهو الصّحيح - يصح البيع في الجميع بالألف ويأخذ الشّفيع الجميع بالألف‏,‏ لأنّ المحاباة وقعت للمشتري دون الشّفيع‏,‏ والمشتري أجنبي‏,‏ فصحّت المحاباة له إن لم يكن حيلة على محاباة الوارث‏,‏ فإن كان كذلك لم يصحّ‏,‏ لأنّ الوسائل لها حكم الغايات‏.‏ وإن كان المريض لا يملك شيئاً آخر غير الشّقص - النّصيب - والمشتري والشّفيع أجنبيّان - غير وارثين - ولم يجز الوارث البيع صحّ البيع في ثلثي الشّقص فقط بثلثي الثّمن فيأخذه الشّفيع‏.‏

أمّا إذا ملك البائع المريض غير هذا الشّقص - السّهم والنّصيب - واحتمل الثلث المحاباة‏,‏ وأجاز الورثة البيع‏,‏ فيصح البيع في الجميع‏,‏ ويأخذ الشّفيع الشّقص بكلّ الثّمن‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ إنّ بيع المريض بالمحاباة لا يخلو إمّا أن يكون لوارث أو لغيره‏,‏ فإن كان لوارث بطلت المحاباة لأنّها في المرض بمنزلة الوصيّة‏,‏ والوصيّة لوارث لا تجوز‏,‏ ويبطل البيع في قدر المحاباة من المبيع‏,‏ وهل يصح فيما عداه ‏؟‏ على ثلاثة أوجهٍ‏:‏

أحدها‏:‏ لا يصح لأنّ المشتري بذل الثّمن في كلّ المبيع فلم يصحّ في بيعه‏,‏ كما لو قال‏:‏ بعتك هذا الثّوب بعشرة‏,‏ فقال‏:‏ قبلت البيع في نصفه‏,‏ أو قال‏:‏ قبلته بخمسة‏,‏ أو قال‏:‏ قبلت نصفه بخمسة‏,‏ ولأنّه لم يمكن تصحيح البيع على الوجه الّذي تواجبا عليه فلم يصحّ كتفريق الصّفقة‏.‏

الثّاني‏:‏ أنّه يبطل البيع في قدر المحاباة ويصح فيما يقابل الثّمن المسمّى‏,‏ وللمشتري الخيار بين الأخذ والفسخ لأنّ الصّفة تفرّقت عليه‏,‏ وللشّفيع أخذ ما صحّ البيع فيه‏,‏ وإنّما قلنا بالصّحّة لأنّ البطلان إنّما جاء من المحاباة فاختصّ بما يقابلها‏.‏

الثّالث‏:‏ أنّه يصح في الجميع ويقف على إجازة الورثة لأنّ الوصيّة للوارث صحيحة في أصحّ الرّوايتين‏,‏ وتقف على إجازة الورثة‏,‏ فكذلك المحاباة له‏,‏ فإن أجازوا المحاباة صحّ البيع في الجميع ولا خيار للمشتري‏,‏ ويملك الشّفيع الأخذ به لأنّه يأخذ بالثّمن‏,‏ وإن ردوا بطل البيع في قدر المحاباة وصحّ فيما بقي‏,‏ ولا يملك الشّفيع الأخذ قبل إجازة الورثة وردّهم‏,‏ لأنّ حقّهم متعلّق بالمبيع فلم يملك إبطاله‏,‏ وله أخذ ما صحّ البيع فيه‏.‏

وإن اختار المشتري الرّدّ في هذه الصورة وفي الّتي قبلها واختار الشّفيع الأخذ بالشفعة قدّم الشّفيع‏,‏ لأنّه لا ضرر على المشتري وجرى مجرى المعيب إذا رضيه الشّفيع بعيبه‏.‏

القسم الثاني‏:‏ إذا كان المشتري أجنبيا والشفيع أجنبي‏:‏ فإن لم تزد المحاباة على الثلث صح البيع‏,‏ وللشفيع الأخذ بها بذلك الثمن لأن البيع حصل به فلا يمنع منها كون المبيع مسترخصاً‏,‏ وإن زادت على الثلث فالحكم فيه حكم أصل المحاباة في حق الوارث وإن كان الشفيع وارثا ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ له الأخذ بالشفعة لأن المحاباة وقعت لغيره فلم يمنع منها تمكن الوارث من أخذها‏.‏

والثاني‏:‏ يصح البيع ولا تجب الشفعة‏.‏

المحاباة في التّبرعات الماليّة

أوّلاً‏:‏ المحاباة في الوصيّة

12 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ المحاباة لا تقدّم على غيرها من الوصايا‏.‏ وعند الحنفيّة‏:‏ تقدّم المحاباة في مرض الموت على سائر الوصايا‏,‏ سواء أكانت الوصايا للعباد أو بالطّاعات والقرب للّه سبحانه كبناء المساجد فيبدأ بالمحاباة بعد موت المحابي قبل كلّ وصيّةٍ‏,‏ ثمّ يتقاسم أهل الوصايا فيما يبقى من ثلث تركة المحابي‏,‏ ويكون ما بقي من الثلث بينهم على قدر وصاياهم‏,‏ وذلك لأنّ المحاباة تستحق بعقد ضمانٍ وهو البيع‏,‏ إذ هو عقد معاوضةٍ فيكون المبيع فيه مضموناً بالثّمن‏,‏ وأمّا الوصيّة فتبرع‏,‏ فكانت المحاباة المتعلّقة بعقد أقوى فكانت أولى بالتّقديم‏.‏

ولأنّ تقديم بعض الوصايا الّتي للعباد على البعض يستدعي وجود المرجّح ولم يوجد‏,‏ لأنّ الوصايا كلّها استوت في سبب الاستحقاق‏,‏ لأنّ سبب استحقاق كلّ واحدٍ منهم مثل سبب صاحبه‏,‏ والاستواء في السّبب يوجب الاستواء في الحكم‏.‏

ولو كانت الوصيّة بمتاع معيّنٍ أو حيوانٍ معيّنٍ تنفذ الوصيّة والمحاباة من الثلث على السّويّة‏,‏ إذ لا مرجّح‏,‏ لأنّ كلاً منهما تمليك العين صورةً ومعنىً حتّى لو قال الشّخص‏:‏ أوصيت لفلان بمائة‏,‏ ولفلان بثلث مالي فالوصيّة بالمائة المرسلة تقدّم على الوصيّة بثلث المال‏.‏

جاء هذا في فتاوى رشيد الدّين، قال صاحب جامع الفصولين‏:‏ مع هذا ينبغي أن تترجّح المحاباة لأنّها عقد لازم بخلاف الوصيّة ولو بمعيّن‏.‏

ثانياً‏:‏ المحاباة في الهبة

تناول كلام الفقهاء في هذا الموضوع أمرين‏:‏

الأمر الأوّل‏:‏ محاباة وتفضيل الوالد بعض أولاده بهبته‏:‏

13 - اتّفق الفقهاء على أنّ الإنسان مطالب بالتّسوية بين أولاده في الهبة بدون محاباةٍ وتفضيلٍ لبعضهم على بعضٍ لما روى النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما‏:‏ «أنّ أباه أتى به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إنّي نحلت - أي أعطيت بغير عوضٍ - ابني هذا غلاماً كان لي‏,‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أكلّ ولدك نحلته مثل هذا ‏؟‏ فقال‏:‏ لا فقال‏:‏ فأرجعه» وفي روايةٍ‏:‏ «فلا تشهدني إذاً‏,‏ فإنّي لا أشهد على جورٍ» وفي ثالثةٍ‏:‏ «اتّقوا اللّه واعدلوا بين أولادكم»‏.‏

ولأنّ في التّسوية بينهم تأليف قلوبهم‏,‏ والتّفضيل يزرع الكراهية والنفور بينهم فكانت التّسوية أولى‏.‏

ولا يكره ذلك التّفضيل - في المذاهب الأربعة - إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه مثل اختصاص أحد أولاده بمرض أو حاجةٍ أو كثرة عائلته أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل، أو اختصاص أحدهم بما يقتضي منع الهبة عنه لفسقه أو يستعين بما يأخذه على معصية اللّه أو ينفقه فيها‏,‏ فيمنع عنه الهبة ويعطيها لمن يستحقها‏.‏

ويكره عند غير الحنابلة إذا لم تكن هناك حاجة تدعو إلى ذلك‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يحرم التّفضيل حينئذٍ وتجب عليه التّسوية - إن فعل - إمّا بردّ ما فضّل به البعض‏,‏ وإمّا بإتمام نصيب الآخر‏.‏

وقال الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة‏:‏ لا يجب عليه التّسوية‏,‏ ويجوز التّفضيل قضاءً‏,‏ لأنّ الوالد تصرّف في خالص ملكه‏,‏ لا حقّ لأحد فيه‏,‏ إلا أنّه يكون آثماً فيما صنع بدون داعٍ له‏,‏ لأنّه ليس بعدل‏,‏ وهو مأمور به في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ‏}‏‏.‏ ولزوم ذلك مشروط عند المالكيّة بأمرين‏:‏

أ - أن يهب كلّ ماله أو أكثره‏.‏

ب - إلا يطالب أولاده الآخرون بمنعه كلّ ذلك مخافة أن تعود نفقته عليهم بعد افتقاره‏,‏ فلهم رد ذلك التّصرف وإبطاله وأمّا إذا وهب الشّيء اليسير فذلك جائز غير مكروهٍ‏.‏

وكيفيّة التّسوية المطلوبة - عند الحنفيّة والشّافعيّة - أن يعطي الأنثى مثل ما يعطي الذّكر تماماً بناءً على ظاهر الحديث‏.‏

وعند المالكيّة والحنابلة‏:‏ التّسوية أن يقسم بين أولاده على حسب قسمة الميراث فيجعل للذّكر مثل حظّ الأنثيين‏,‏ لأنّ ذلك نصيبه من المال لو مات عنه الواهب‏.‏

الأمر الثّاني‏:‏ المحاباة في الهبة في مرض الموت‏:‏

14 - جاء في الفتاوى الهنديّة للحنفيّة‏:‏ لو وهب مريض شيئاً قيمته ثلاثمائةٍ لرجل صحيحٍ على أن يعوّضه شيئاً قيمته مائة وتقابضا‏,‏ ثمّ مات المريض من ذلك المرض ولا مال له غير ذلك الشّيء الّذي وهبه‏,‏ ورفض الورثة أن يجيزوا ما صنع الواهب‏,‏ كان للموهوب له الخيار‏:‏ إن شاء فسخ الهبة وردّ الشّيء الموهوب كلّه وأخذ عوضه‏.‏

وإن شاء ردّ ثلث الشّيء الموهوب إلى الورثة وسلّم له ثلثيه ولم يأخذ من العوض شيئاً‏.‏ وإن عرض الموهوب له أن يزيد في العوض بقدر الزّيادة من المحاباة على الثلث لم يكن له ذلك‏.‏

وجاء في أسنى المطالب للشّافعيّة‏:‏ ينفذ الأوّل فالأوّل من التّبرعات المرتبة المنجّزة كالإبراء والإعتاق والوقف والصّدقة حتّى يتمّ الثلث عند ضيقه عنها‏,‏ ثمّ يبقي باقي تبرعاته موقوفاً على إجازة الورثة‏,‏ ولا أثر لهبة بدون محاباةٍ قبل القبض‏,‏ فلا تقدّم على ما تأخّر عنها من نحو وقفٍ أو محاباةٍ في بيع أو نحوه قبل قبض الموهوب‏,‏ لأنّه إنّما يملك بالقبض‏,‏ بخلاف المحاباة في بيعٍ أو نحوه‏,‏ لأنّها في ضمن معاوضةٍ‏.‏

ثالثاً‏:‏ المحاباة في الإعارة

15 - الإعارة من المريض مرض الموت تعتبر من المحاباة عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأنّها تبرع تمتد إليه أطماع الورثة فلا يجوز للمريض إعارة داره مثلاً إذا كانت منافع الدّار أزيد من ثلث ماله‏,‏ نصّ على ذلك المالكيّة‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لو انقضت مدّة إعارة الدّار ولو في مرض المعير واستردّها اعتبرت الأجرة من الثلث لكونها تبرعاً بما تمتد إليه أطماع الورثة‏.‏

ومن المحاباة أيضاً عند الشّافعيّة الوصيّة بالإعارة‏,‏ أمّا إعارة المريض نفسه فليست من المحاباة‏,‏ لأنّها امتناع من التّحصيل‏,‏ وليست تفويتاً للحاصل‏,‏ ولا مطمع للورثة في عمله‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ إعارة المريض لعين من أعيان ماله إعارةً منجّزةً لا تعتبر من المحاباة فتجوز‏,‏ وتكون من جميع ماله‏,‏ ولا تعتبر من الثلث‏.‏

وكذلك تجوز الوصيّة بالإعارة وليس للورثة الرجوع‏.‏

المحاباة في الزّواج

أوّلاً‏:‏ المحاباة في المهر

16 - المريضة مرض الموت إذا نقصت من مهرها لم يصحّ عند الحنفيّة‏.‏

وعند الشّافعيّة‏:‏ إن تزوّجت بأقلّ من مهر مثلها فماتت وورثها الزّوج‏,‏ فما نقص من المهر وصيّة لوارث‏,‏ وحينئذٍ يكون لورثة الزّوجة طلب تكميل مهر المثل، وإن لم يرثها - بأن مات قبلها أو كان مسلماً وهي ذمّيّة - فالنّاقص من مهر المثل لا يعتبر من ثلث تركة الزّوج ولا يكمل مهر المثل‏.‏

وإذا وهبت المريضة مهرها لزوجها وماتت من مرضها هذا لم تصحّ الهبة إلا بإجازة الورثة عند الحنفيّة‏.‏

وإن كانت صحيحةً أو مريضة وبرأت من مرضها بعد الهبة فإنّ هبتها تنفذ باتّفاق المذاهب‏,‏ مع تفصيلٍ في كون ذلك قبل الدخول أو بعد الدخول وغيره‏.‏

وكذلك يجوز عند الحنفيّة والمالكيّة للبالغة الرّشيدة الرّضا بأقلّ من مهر مثلها‏,‏ واستثنى المالكيّة البكر المهملة - وهي الّتي لا أب لها ولا وصيّ عليها من جهة أبيها‏,‏ ولا نائب من جهة القاضي‏,‏ ولا يعلم كونها رشيدةً أم سفيهةً - فلا يجوز رضاها بأقلّ من مهر المثل عندهم‏,‏ وإذا رضيت فلا يلزمها ذلك الرّضا‏.‏

وهذا قول ابن القاسم وهو المشهور في المذهب‏.‏

أمّا الأنثى المعلومة السّفه فليس لها الرّضا بأقلّ من مهر المثل‏,‏ وينقض تصرفها اتّفاقاً‏.‏ ولو تزوّج المريض مرض الموت بأزيد من مهر المثل ثمّ مات وكانت الزّوجة وارثةً من الورثة فالزّائد على مهر المثل - عند الشّافعيّة والحنابلة - وصيّة لوارث لا ينفذ إلا إذا أجازه الورثة‏.‏

وإن كانت غير وارثةٍ كذمّيّة وهو مسلم فالزّائد عن مهر المثل يكون من ثلث تركة المريض من غير توقفٍ على إجازة الورثة‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إن تزوّج في صحّةٍ‏,‏ ثمّ مرض ففرض لزوجته مهراً أكثر من مهر المثل‏,‏ ثمّ دخل بها ومات‏,‏ فإنّه يكون للزّوجة حينئذٍ مهر المثل من رأس مال الميّت‏,‏ ويبطل الزّائد‏,‏ إلا أن يجيزه الورثة‏.‏

ثانياً‏:‏ المحاباة في الخلع

17 - قال الشّافعيّة‏:‏ إن خالعت مريضة في مرض الموت بأكثر من مهر مثلها فالزّائد على مهر المثل محاباة تعتبر من الثلث‏,‏ فهي كالوصيّة للأجنبيّ لا للوارث‏,‏ لخروج الزّوج عن الإرث بسبب الخلع‏.‏